كيف ينجح الزواج؟
i25-p126.jpg
سأتفلسف في الزواج على الرغم من أنني لم أقرأ في حياتي كتاباً في هذا الباب وليست لدي خبرة كافية فيه، فقد تزوجت مرة واحدة ومن أول خطوبة.. فإن أصبت فأجري على الله، وإن أخطأت فليأخذني الجبّار أخذ عزيز مقتدر لأنني تكلمت فيما لا يعنيني.
خبراء الأسرة يظنون أن نجاح الزواج يرتبط بالطبائع المشتركة، لكنني أرى أن الزواج الناجح هو الذي يتشابه فيه الزوجان إلى حد التطابق، ويختلفان إلى حد التنافر، في طبائع حميدة وذميمة، وأي اختلال في هذا الميزان يفرز زواجاً ثقيلاً ينتهي بالانفصال بعد تبادل الضرب بالمكنسة والعِقال، لأن التطابق أو التنافر في كل شيء يفسد طعم الزواج، فإما يصير من دون ملح، أو يصير طبق من الملح الخالص. وأقول هنا الطبائع وليس الهوايات التي يمكن أن تزيد عدد البلاط في الأرضية المشتركة بين الطرفين، لكن النجاح أو الفشل منوطان بالطبائع في المقام الأول.
ولا يمكن توصيل المعنى إلا بصبّ الأمثلة في آذان الراغبين في الزواج لتتسرب إلى أمخاخهم، على الرغم من أن الذي يتزوج ليس له مخ أصلاً، خصوصاً الرجل، على الأقل في فترة العزوبية حين يضرب رأسه في الجدار لأنه لم يتزوج بعد.
يجب أن يشترك الطرفان في صفات حميدة كالقناعة والاجتماعية مثلاً، وبذلك لن “تنق” هي في أذنه صباح مساء بأن يقتحم التجارة ويخاطر في البورصة، لأنهما قانعان بما في أيديهما وكفى الله المؤمنين القتال. وسيقضيان وقتاً ممتعاً في الزيارات العائلية لأنهما كائنان اجتماعيان.
وأن يشتركا في صفات ذميمة كالكسل والحقد مثلاً. وعليه سيشربان معاً نخب المحبة والكسل لأنهما يتقلبان كلاهما على الآخر على الرغم من أنهما مستيقظان منذ 4 ساعات. وسيثرثران حتى الصباح وهما يتقاسمان الأحقاد على الأهل والأقارب: هي تحقد على زوجة شقيقها، فيصب البترول على نار قلبها. وهو يحقد على ابن عمه، فتنفخ على رماد قلبه.
ويجب أيضاً أن يتنافرا في صفات حميدة كالصبر والظرف مثلاً. فهو يغني كل يوم في الحمام مع أبوبكر سالم “أنا صبور.. وبزرع الدنيا صبر” لكنها جزوعة وفي هذا إنقاذ للأسرة من الأطماع، فصبر الزوج على مدينه قد يجعله “يستعبط” ويتناسى الدَين، لكن زوجته الجزوعة ستقف لصبره بالمقلاة. وإذا كانا ظريفين، فإن الأمر يتحول إلى “تهريج”، وكل من يمر من أمام بيتهما يقول: هذا بيت السخافة العالمية. وحتى الزوج الظريف نفسه، لن يجد محلاً للإعراب إذا كانت زوجته ظريفة أيضاً، والزوجة الكئيبة تحتاج إلى بعض الظرافة في حياتها حتى لا تنفجر دودة كآبتها.
وأن يتنافرا أيضاً في صفات ذميمة كالبذاءة والطيش مثلاً. فهي تنظف بعفتها كل البقع التي ينشرها زوجها ببذاءته، وهو يدافع ببذاءته عن شرفها الذي قد يلطخه الأفاكون والأفاكات، بل إنهم لن يجرؤوا الافتراء عليها، على الرغم من أنها صيد سهل لأنها عفيفة، لأنهم سيتذكرون بذاءة لسان زوجها. وإذا كانا يتمشيان في الحديقة وأراد الزوج ممارسة طيشه بوضع يده في دولاب الألعاب الآلية ليرى ماذا سيحدث، فهي ستجذبه بسرعة وتوبخه لأن يده ستطير. هل أستحق الآن أن أعمل مستشاراً أسرياً؟
جريدة الاتحاد